سور المعكازين
من يسمع بـ سور المعكازين في طنجة ستنتج مخيلته صورا كثيرة لهذا المكان، لكن لسور المعكازين صورة مختلفة تماما، وتاريخ مغاير لا علاقة له بتصورات الناس وبالافكار النمطية، فهو يحمل الاسم من باب السخرية التي كان يمارسها أهل طنجة على الغرباء، وخصوصا على سكان البوادي الذين كانوا يأتون إلى المدينة للتسوق والتبضع.
طنجة كانت في الماضي مختفية خلف اسوارها وكانت اغلب اسواقها الاسبوعية تقام ليومين في الاسبوع، وخلال هذين اليومين تعرف المدينة اقبالا كبيرا من التجار والزبناء القادمين من بعيد، وهؤلاء غالبا ما يأتون في وقت مبكر في انتظار فتح السوق، وغالبا ما يختارون أمكنة عالية تخول لهم معاينة أبواب المدينة في انتظار فتحها.
المكان المسمى سور المعكازين يوجد في هضبة مشرفة على البحر وعلى المدينة، وأغلب التجار الذين كانوا يأتون إلى طنجة كانوا يفضلون الرسو في هذه الهضبة في انتظار فتح السوق، وكانت قوافل التجار تتوقف في هذا المكان.
كانت ساحة سور المعكازين مكانا مثاليا للاستراحة، وكانت أيضا مكانا جيدا لوقوف السيارات وقوافل البغال، وإليها يعود التجار بعد الانتهاء من يوم السوق لكي يرتاحوا وينتظروا سيارات أو دواب تعيدهم إلى قراهم.
بعد أن بدأ العمران يزحف خارج اسوار طنجة، تحولت المناطق المحيطة بساحة سور المعكازين إلى عمارات ومطاعم ومتاجر وحانات، وحتى هذه الساحة لم تسلم بدورها من زحف التقدم، لذلك تحولت إلى متاجر ومقاهي، ولم يعد القادمون إلى طنجة يجدون ذلك المكان، لكن بعد مدة من ذلك، تقرر أن تعود هذه الساحة إلى طبيعتها، وصارت مرة أخرى محجا للعابرين والزائرين، لكن ليس كما كانت في الماضي.
مع مرور الزمن تحولت هذه الساحة إلى مكان مفضل لزائري طنجة على الخصوص، فهم من خلالها يرون مشهدا لا يتكرر كثيرا، مثل هذه الجبال القريبة جدا لضفاف أوروبا التي تبدو على مرمى حجر، والميناء ببواخره الراسية والمنطلقة، والمدينة العتيقة بكل شيء فيها، والمقابر اليهودية على هضبة منسية، والطريق القديم المؤدية لمسرح سيرفانتس المنكوب.