شارع السّعادة
انشئ القادمون من معان إلى الزرقاء مركزا تجاريا أشبه بحي صغير حمل حينذاك اسم حي المعانية، وكان مكونا من عدد من الدكاكين الصغيرة، وبنوا بيوتهم الطينية بالقرب من السكة، وقسم منهم جاء بهدف الالتحاق بقوات حرس الحدود نواة الجيش منذ مطلع الثلاثينات، وبعضهم كانوا تجارا بين الشام والزرقاء ومعان نفسها المدينة الاصلية.
السوق ذاته عبارة عن شارع ترابي تحيط به الدكاكين الطينية وقد تم رصفه فيما بعد من قبل عمال قدموا من الخليل أيام الانجليز.
إلى جانب المعانية تواجد التجار من المواقع الأخرى واعتبر السوق مركزا لاجتماع البدو القادمين من البادية لبيع منتجاتهم من السمن والجميد والزبدة والصوف والحلال ليقايضوا بها القهوة والهيل والصابون وأدوات الزينة والحناء والمسابح وعود الند والعطر.
بالتدريج تبدل اسم حي المعانية إلى شارع السعادة، ولهذا التبدل حكاية ممتدة على مدى سنوات: فقد قدم إلى السوق أحد أبناء فلسطين واسمه سعادة عياش، وكان يبيع المعاطف الصوفية، وطلب من أصحاب الدكاكين المعانية أن يسمحوا له بتعليق بضاعته المعاطف على واجهات دكاكينهم وذلك بأن يسمحوا له بتثبيت المسامير على أبواب المحلات يعلق بضاعته التي لا تنافس بضائعهم.
ولكن سعادة عايش أدخل إلى السوق نمط بيع جديد لبضائع شبيهة ببضائعهم، فقد صار يجلس ويضع إلى جانبه ثلاث سلال من القصّيب يبيع فيها سلعاً مثل قمر الدين والقهوة والهيل والقسماط ولكنه كان يبيع للناس بالدّين، بعكس باقي التجار المعانية الذين لم يكونوا يعتمدون هذه الطريقة من البيع، ولذلك صاروا كلما جاء اليهم زبونا يريد الشراء بالدّين أرشدوه إلى التاجر سعادة، ويوماً بعد يوم امتلأت واجهات دكاكين المعانية ببضاعة سعادة، وازدادت تجارته وصار يسترد من الناس أرضهم مقابل ما هو مستحق عليهم من ديون، وبالتدريج سيطر على السوق الذي تحول اسمه إلى شارع السعادة.